الوصية الغالية من حبيبنا الكريم الصالحة لمراعاتها و متابعتها.
السلسلة الثالثة عشر: حاجة الأمة إلى حكمة الدعاة
من مواقف الحكمة في الدعوة كذلك هي عدم الدخول في المعترك السياسي
السياسة سياستان:
1. السياسة الشرعية التي هي رعاية شؤون الأمة بالكتاب والسنة.
2. السياسة الميكافلية التي للوصول إلى الغاية تسوغ كل الوسيلة.
أما الأولى فهي معروفة مشروعة في ديننا ولكنها في واقع بلادنا الآن عديمة الوجود.
وأما الثانية فهي المقصودة في موضوعنا التي تركها أولى من الدخول فيها.
وهذا الذي قال عنه الشيخ الألباني بعبارته الجامعة :" من السياسة ترك السياسة "
فالسياسة اليوم عبارة عن المغامرة والمقامرة أصحابها من الأحزاب المنتسبة للإسلام يريدون أن يغيروا فيتغيرون، و يريدون أن يؤثروا فيتأثرون، بل قد تغيروا قبل أن يغيروا، وهذه خسارة ما بعدها خسارة،
مع ذلك يظنون أنهم يحسنون صنعا. وهذا هو الواقع ما له من دافع.
لذا كم رأينا من الدعاة وطلبة العلم كانوا هم ملتزمين ثم بعد ذلك هم يذوبون؟
كم رأينا من كان كلامهم يدور مع الدليل حيث دار في محاضرتم ومجالسهم ثم سرعان ما كان كلامهم حول أخبار الجرائد والصحف وتتبع أخطاء الأمراء، تاركين كتاب ربهم وسنة نبيهم وراء ظهورهم، ناسين أنهما أصلا الإصلاح والصلاح وأساسا التأثير والتغيير لواقع مجتمعاتنا المرير.
وكم رأينا من كان جل اهتمامهم في دعوة التوحيد والسنة والتحذير عن الشرك والبدع وخطر الروافض على البلاد والعباد والدنيا والدين جميعا، ثم ينقلبون في دنيا السياسة فشغلهم أمرها وتركوا أهل الباطل يروحون ويمرحون ولا هم عليهم ينكرون طلبا لإرضائهم ورضا الجماهير, بل لهم مداهنون، غافلين أن الحق من التوحيد والسنة أغلى وأعلى من كراسي المناصب.
فبهذا هؤلاء في الحقيقة هم الأخسرون لأنهم يستبدلون الذي هو خير بالذي هو أدنى.
ولذلك عدم ولوج دعاة السنة وطلاب العلم في الساحة السياسية فوائد دعوية عدة منها :
الأولى: قوة التأثير الدعوية على جميع الناس بأنواع مستوياتهم وأحزابهم، وذلك:
1. لأن الناس يختلفون في الأحزاب وأغراضهم السياسية ولكن الجميع متفقون في عظمة أدلة الكتاب والسنة.
ولذلك الدعوة المبنية عليهما مقبولة لدى الجميع عاجلا أو آجلا بإذن الله عز وجل.
2. السياسة أمر في الغاية الحساسية، ومن الطبائع البشرية أنهم لا يحبون من ينافسونهم في دنياهم ويريدون منهم ويأخذون ما لهم ولو كان مجرد الأصوات.
ولذا الدخول في السياسة كثيرا ما تكون حجابا من قبول الحق وانتشاره بين الناس.
الثانية : السياسة ميدان كثر فيه المنافسون هم أكثر منا خبرة وأهلية.
ولذلك الأولى ألا ننافسهم فيه، بل ننافسهم في مجال لا ينافسوننا أبدا ألا وهو الدعوة إلى الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا ميدانكم- أيها الدعاة- فلا تتركوه... هذا مجالكم فلا تغادروه... وهذا دوركم فلا تضيعوه...
كما نجح من كان قبلنا في سلوك هذا المنهج وظهر ثماره في أرض الواقع، فسننجح به كذلك بإذن الله تعالى.
وكما فشل غيرنا بولوج باب السياسة في دعوة الناس فسنفشل كما فشلوا إذا سلكنا سبيلهم.
ولذلك حذار حذار يا دعاة السنة من السياسة، فإن الدخول فيها بداية الهزيمة، وما حدث في جزائر ومصر وغيره عنا ببعيد وهو لخير شاهد وأكبر درس لمن اعتبر.
الثالثة: السياسيون مستهدفون من قبل وسائل الإعلام أكثر من غيرهم، وإذا زلت أقدامهم أصبحت صورتهم مشوهة فساءت سمعة دعوة الإسلام الذي ينتسب إليه السياسي، مع أنه لا يمثل إلا نفسه والإسلام منه بريء
الرابعة: الحفاظ على المنهج الحق والابتعاد عن التنازلات من الثوابت الدينية.
وهذا الأمر المهم يستطيع أن يقوم به دعاة السنة في ميدان دعوتهم ولكن لم نره في ساحة السياسة قط ولو من قبل الأحزاب الإسلامية والسياسيين الإسلاميين -إن صح التعبير-، أنهم باعوا عقائدهم ومناهجهم بالأصوات الانتخابية المظنونة، والعياذ بالله.
كتبه الفقير إلى عفو ربه وغفرانه عبد الرحمن هادي (مدرس جامعة علي بن أبي طالب بسورابايا)
0 komentar:
Post a Comment